
أصبحت الاستدامة البيئية من أبرز التوجهات الحديثة التي تتبناها العديد من القطاعات الاقتصادية حول العالم، ومن أبرز هذه القطاعات قطاع المطاعم والفنادق، الذي يُعتبر واحدًا من أكثر القطاعات استهلاكًا للموارد الطبيعية والطاقة. في السنوات الأخيرة، أصبحت المطاعم والفنادق تحت ضغط متزايد لتحسين سياساتها البيئية، وذلك للحفاظ على البيئة، وجذب شريحة كبيرة من العملاء الذين يهتمون بالاستدامة. في هذا المقال، سنناقش بالتفصيل كيف يمكن للمطاعم والفنادق تحقيق الاستدامة البيئية، مع تقديم نصائح عملية، واستعراض بعض التجارب العالمية الناجحة، بالإضافة إلى تقديم رؤية مستقبلية حول أهمية الاستدامة في هذا القطاع الحيوي.
الاستدامة البيئية هي منهجية عمل تهدف إلى تقليل الآثار السلبية على البيئة، من خلال الإدارة المسؤولة للموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة والمواد الغذائية، بالإضافة إلى تقليل إنتاج النفايات والانبعاثات الضارة. في قطاع الضيافة والمطاعم، يشمل ذلك تقنيات الطبخ المستدامة، إدارة المخلفات الغذائية، استخدام مصادر طاقة نظيفة، وغيرها من الممارسات البيئية الواعية.
تتحمل المطاعم والفنادق مسؤولية كبيرة تجاه البيئة، إذ إن هذا القطاع يُعد من أكثر القطاعات استهلاكًا للمياه والكهرباء والغذاء، كما يُنتج كميات ضخمة من النفايات. لذا فإن تبني مبادئ الاستدامة يعني الإسهام في حماية البيئة والحفاظ على موارد الأجيال القادمة.
تشير الدراسات إلى أن أكثر من 60% من العملاء يفضلون اختيار فنادق ومطاعم تعتمد معايير الاستدامة. لذلك، الشركات التي تلتزم بسياسات بيئية واضحة تحقق ميزة تنافسية أكبر في السوق، وتجذب عملاء يهتمون بالبيئة.
أطلقت مجموعة فنادق ماريوت العالمية برنامج "Serve 360"، وهو برنامج طموح يستهدف تقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 30%، وتخفيض هدر الطعام بنسبة 50% بحلول عام 2025.
تعمل سلسلة مطاعم ماكدونالدز على التحول الكامل لاستخدام عبوات وأدوات مائدة صديقة للبيئة، وتخطط لتحقيق خفض نسبته 50% من النفايات البلاستيكية بحلول عام 2025.
تشتهر هذه المجموعة بسياساتها الصارمة نحو الاستدامة، إذ تعتمد على الطاقة الشمسية وإعادة تدوير مياه الصرف، وتقليل النفايات إلى أقصى حد ممكن، وتستهدف الوصول إلى صفر نفايات بحلول عام 2030.
مع ازدياد الوعي البيئي عالميًا، سيصبح اعتماد ممارسات الاستدامة أمرًا إلزاميًا وليس اختياريًا. تتجه العديد من الدول في منطقة الخليج نحو اعتماد قوانين صارمة تفرض على قطاع الضيافة والمطاعم الالتزام بمعايير الاستدامة.
في المملكة العربية السعودية والإمارات تحديدًا، تلتزم الفنادق الجديدة بمعايير البناء الأخضر (LEED)، وكذلك رؤية السعودية 2030 التي تضع معايير واضحة للاستخدام الأمثل للموارد. في الإمارات، تسعى الدولة لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 40% بحلول عام 2030، مما يجعل الاستدامة عنصرًا رئيسيًا في نجاح الأعمال.