سوق التدريب سوق كبير جدا فبنظرة سريعة لما حولك او ببحث سريع على الانترنت تظهر لك الاف المراكز ومعاهد التدريب في دولتك كلها تتنافس لتقديم خدمات التدريب
ونظرة فاحصة للجهات التي تقدم التدريب في وطننا العربي تكشف لك وجود تنوع كبير في شكل وطبيعة الجهة التي تقدم التدريب فهناك مراكز تدريب ومعاهد تدريب حكومية واخرى خاصة وهناك مراكز تدريب ومعاهد اكاديمية وأخرى مهنية وهناك مراكز تدريب ومعاهد وأخرى غير هادفة للربح، ومن حيث طريقة تقديم التدريب فهناك تدريب مباشر من خلال قاعات التدريب المعتادة وهناك تدريب عن بعد والتدريب عن بعد ينقسم كذلك الى تدريب تزامني أونلاين وتدريب غير تزامني (محاضرات مسجلة).
هذا التنوع الكبير في اشكال التدريب وفي الجهات التي تنفذه يضع المتدرب في حيرة كبيرة عند اختيار البرنامج التدريبي والجهة التي تنفذه، الامر الذي يدفع البعض الى مقارنة البرامج التدريبي وفقاً للسعر أو رسوم التسجيل واختيار البرنامج التدريبي الاقل سعراً على اعتبار انه سيحصل على الخدمة التدريبية الافضل والسعر الاقل في نفس الوقت، والحقيقة التي يغفل عنها هؤلاء هي ان العلاقة بين جودة التدريب ورسوم التسجيل علاقة طردية فكلما زادت جودة البرنامج التدريبي زادت تكلفة الحصول عليه وكلما قلت رسوم البرنامج التدريبي فهناك يعني انخفاض جودة البرنامج التدريبي. وتفسير ذلك أن العملية التدريبية عملية متعددة الاطراف وتحتاج الكثير من الاعداد والتخطيط والتجهيز قبل التدريب واثناء التدريب وبعده ايضا
تغفل الجهات التي تقدم البرامج التدريبية الرخيصة عن حقيقة هامة وهي ان المتدربون لديهم احتياجات تدريبية متباينة ويتمتعون بمستوى مختلف من المهارات والسمات الشخصية كما أن أهدافهم التي يسعون لتحقيقها من البرنامج التدريبي مختلفة، وبالتالي لا يمكن اعتبار كافة المتدربين في برنامج تدريبي متطابقين وعليه فان المتدربين يحتاجون الى نوع من الارشاد والتوجيه قبل التسجيل في البرنامج التدريب للتأكد من أن هذا البرنامج يناسب احتياجات المتدرب ويساعده في تحقيق اهدافه المهنية والشخصية. لذلك من السمات المميزة للبرامج التدريبية الرخيصة أنها لا تقدم اي نوع من الارشاد والتوجيه.
الحقيبة التدريبية من اهم الادوات التي تعتمد عليها العملية التدريبي في نقل الخبرة من المدرب الى المتدرب وتصميم الحقيبة التدريبية الاحترافية عملية ليست سهلة بل يقوم عليها خبراء متخصصون في هذا الموضوع. لذلك تتجاهل الجهات التي تقدم تدريباً رخيصاً عملية تصميم الحقائب التدريبية وتعتمد بشكل مباشر على العرض التقديمي الذي يقدمه المدرب ولا تقدم للمتدرب اي مواد اثرائية أو أنشطة تدريبية رغبة منها في تخفيض تكاليف العملية التدريبية وتقديم البرنامج بأقل سعر ممكن. والنتائج التي تترتب على هذا التوفير سيئة جدا على المتدرب بشكل خاص اذ لا يتمكن من تطبيق ما تعمله او مراجعته والاستفادة منه.
تتسم هذه البرامج الرخيصة بأنها برامج تسير في اتجاه واحد يكون المتدرب مجرد مستقبل للمحتوى التدريبي ولا توفر له اي فرصة للاعتراض على المحتوى او المطالبة بتعديل المادة التدريبي أو بعض اجزاءها.
البرامج التدريبية الرخيصة تقدمها جهات غير متخصصة في التدريب وتنظر الى التدريب باعتباره عملية تجارية ربحية وتعتقد ان المنافسة السعرية هي الطريقة الوحيدة للوصول على المتدرب وتغفل عن طرق اخرى اكثر فاعلية ونفعاً للمتدرب من المنافسة السعرية وتتعامل مع عملية التسجيل في البرنامج باعتبارها عملية "بيع" وتعتبر ان البرنامج التدريبي ما هو الا "سلعة" وان المتدرب مجرد "عميل" والفرق كبير بين الخدمة التدريبية الاحترافية وبين عملية البيع الاعتيادية للمنتجات المادية
المدرب المحترف هو شخص أمضى الكثير من سنوات عمره في التعلم واكتساب الخبرات المهنية التي تصنع الفرق. وهو شخص لم يكتف بما تعلمه في الجامعة او بما قرأه في الكتب بل طور مهارات مهنية متخصصة من خلال التجارب العملية والمحاولة والخطأ ويمكنه نقل هذه الخبرات القيمة لمن هم في حاجة اليها. وهذا النوع من المدربين قليل العدد نسبياً ويزداد الطلب عليه بشكل كبير نظرا لما لديه من خبرات وبالتالي فإن هذا النوع من المدربين يتقاضى أجورا تدريبية ليست رخيصة. لذلك فإن الاعتماد على مدرب محترف لتقديم برنامج تدريبي يعني بالضرورة ارتفاع رسوم التسجيل في هذا الكورس
مرحلة تقييم نتائج التدريب من أهم مراحل العملية التدريبية التي تحرص معاهد التدريب المحترفة على اتمامها اثناء وبعد البرنامج التدريبي، اذ تستخدم عدد من وسائل التقييم للحكم على النتائج التي حققها المتدرب بعد اجتيازه البرنامج التدريبي وتقارنها بالأهداف المخطط لها قبل بداية التدريب، وذلك للتأكد من أن المبالغ التي انفقها المتدرب على التدريب حققت النتائج المرجوة، أما مراكز التدريب التي تقدم الكورسات الرخيصة فهي لا تقوم بهذه الخطوة أبداً.
البرامج التدريبية الرخيصة لا تعتمد على المناقشات والتفاعل الحي بين المدرب والمتدرب وقد تكون عبارة عن فيديوهات مسجلة لا توفر للمتدرب اي مناقشات حول الممارسة والتطبيق العملي لما يتم شرحه، وتعتمد مراكز التدريب التي تقدم التدريب الرخيص على الفيديوهات المسجلة لكامل البرنامج أو معظم اوقات البرنامج وهي بذلك تضمن ان يتم استخدام الفيديو الواحد مع مئات المتدريبين بغض النظر عن خبراتهم ومهاراتهم وأهدافهم من التدريب، وبالتالي يضيع على المتدرب واحدة من أهم نقاط قوة البرنامج التدريبي وهي المناقشات الحية والتفاعل الوقتي بين المتدرب والمدرب.
البرامج التدريبية الرخيصة لا توفر للمتدرب اي فرصة لتقييم الخدمة التدريبية قبل التسجيل وبالتالي يصبح التسجيل فيها نوعا من المغامرة غير محمودة النتائج، فاذا رغب المتدرب في التسجيل في احد هذه البرامج الرخيصة فلا يحصل على اي فرصة للتقييم او لتجربة الخدمة التدريبية قبل الدفع وبالتالي لا توجد اي فرصة للحكم على مناسبة البرنامج التدريبي لمتطلبات المتدرب وتوقعاته، بينما تقدم المراكز ومعاهد التدريب المحترفة فرصة للمتدرب لدخول أول محاضرة مجاناً دون سداد رسوم التسجيل وبالتالي تعطي المتدرب فرصة كبيرة لتجربة الخدمة والحكم على المتدرب والمادة التدريبية والخدمات المعاونة بدون ان يدفع أو يلتزم بسداد اي رسوم وفي حالة رضاه على المحتوى ومستوى الخدمة يقوم بسداد رسوم التسجيل واستكمال البرنامج